22
13

التبشير في العالم الإسلامي: أهدافه وأدواته

تاريخ النشر : 05 2015 - 11.02:14 ص

التبشير في العالم الإسلامي: أهدافه وأدواته

المسيحيون يلجؤون إلى الاعتماد على الإرساليات التبشيرية بعد فشل المعارك الحربية

"3"

اتجه الاستعمار الغربي إلى الغزو غير المباشر للسيطرة على العالم الإسلامي، وذلك باستخدام الغزو الفكري كوسيلة مؤثرة بعد فشل وسائله التقليدية في الغزو العسكري للسيطرة على الشعوب الإسلامية ونهب ثرواتها. وقد وجد الاستعمار في المبشرين الغربيين ضالته المنشودة لتحقيق أهدافه في السيطرة والتبعية، عن طريق السيطرة على عقول المسلمين وتشكيكهم في دينهم وحضارتهم.

والتبشير هو لفظ يطلق على المنظمات الدينية والأفراد الذين يهدفون إلى نشر الدين المسيحي بين الشعوب الأخرى ويدعون أن التبشير بالمسيحية فرض على المسيحيين، ولو حاولنا التحدث عن المراحل الأولى للعمليات التبشيرية في العالم الإسلامي في بدايتها، فإن أكثر الباحثين يذهبون إلى أن فشل الحروب الصليبية في تحقيق أهدافها عن طريق الغزو العسكري كان له دور أساسي في لجوء الغرب إلى أسلوب الغزو الفكري عن طريق الاستشراق والتبشير وغيرهما من الوسائل.

وفي ذلك يقول المؤرخ جان دي جوانفيل الذي رافق الملك لويس التاسع - ملك فرنسا – في حملته الصليبية (الحملة السابعة): إن خلوة الملك لويس التاسع في معتقله بالمنصورة أتاحت له فرصة هادئة ليفكر بصبر في السياسة التي كان أجدر بالغرب أن يتبعها إزاء المسلمين، وقد انتهى به التفكير إلى أنه لا سبيل للسيطرة على المسلمين عن طريق الحرب أو القوة؛ وذلك لأن المواجهة والمقاومة والجهاد وبذل النفس والدم هي عامل حاسم في دينهم؛ لأنهم قادرون دوماً - انطلاقاً من عقيدتهم - على المقاومة ودحر الغزو الذي يجتاح بلادهم، وإنه لا بد من إيجاد سبيل آخر من شأنه أن يزيل هذا المفهوم من أذهان المسلمين، وذلك لا يتم إلا بتعديل الحملات العسكرية إلى حملات سلمية ترمي إلى الغرض نفسه، وذلك من خلال التركيز على الفكر الإسلامي وتحويله عن مساره وأهدافه حتى يستسلم المسلمون أمام القوى الغربية، وتروض أنفسهم على نحو من أنحاء الاحتواء والصداقة والتعاون، وأفضل وسيلة لذلك هي تجنيد مبشرين ودعم مؤسساتهم التبشيرية في العالم الإسلامي.

وقد علق المؤرخ رينيه جروسيه على ذلك بقوله: إن الملك لويس التاسع كان بذلك في طليعة كبار الساسة من الغرب الذين وضعوا للغرب الخطوط الرئيسية لسياسة جديدة شملت مستقبل آسيا وأفريقيا بأسرها، وبالفعل... أخذ العرب ينفذون هذا المخطط عن طريق الاستشراق والتبشير.

كان أول من حاول التبشير في العالم الإسلامي بعد فشل الحروب الصليبية، هو ريمون لول الأسباني الذي درس العلوم الإسلامية وناقش علماء المسلمين في أمور كثيرة، ولكن هذا المجهود الفردي من لول وغيره لم يكن مجدياً فلجأ الغرب لإرسال الإرساليات التبشيرية المدعومة من الكنيسة والدول الغربية للتبشير بين المسلمين، وفي هذا يقول فيلي هني: ولجأ المسيحيون للاعتماد على الإرساليات المسيحية للتبشير بين المسلمين بعد أن ثبت فشلهم في المعارك الحربية، ومن مؤسساتهم لنجاح التبشير مدارس الفرنسيسكان والدومنيكان التي أنشئت في أوائل القرن الثالث عشر في سوريا، وكان المبشر يعد لهذه المهمة قبل أن يرسل مباشرة، ومن أهم وسائل إعداده: تعليمه اللغة العربية، وشيئاً من الدراسات الإسلامية، وهو ذلك الدستور الذي لا يزال سائداً حتى الآن.

أما إذا أردنا التحدث عن أهداف المبشرين في العالم الإسلامي فإن أكثر الباحثين يذهبون إلى القول: إن نشر المسيحية في العالم الإسلامي لم يعد له نفس الاهتمام السابق؛ لأنهم أدركوا أن محاولاتهم العديدة لنشر المسيحية بين المسلمين قد فشلت في معظم الأحيان، وفي ذلك يقول المبشر صموئيل زويمر: إن الذين دخلوا من المسلمين حظيرة المسيحية لم يكونوا مسلمين حقيقيين. بل كانوا أحد ثلاثة:

  1. إما صغير، لم يكن له أحد من أهله من يشرح له ماهية الإسلام.
  2. رجل مستخف بالأديان، يبتغي الحصول على قوت يومه، وقد اشتد به الفقر وعزت عليه لقمة العيش.
  3. وآخر يبتغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية.

وقد عقب زويمر على ذلك مخاطباً المبشرين بقوله: إن مهمة التبشير التي ندبتكم دولكم المسيحية للقيام بها في البلاد الإسلامية ليس إدخال المسلمين في المسيحية، بل إخراج المسلم من الإسلام  بزعزعة إيمانه ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها.

وهكذا فإن أهداف المبشرين في وقتنا الحاضر قد تغيرت، وأصبح هدفهم يرتكز على أساس زعزعة ثقة المسلمين بدينهم وحضارتهم، عن طريق حملات التشويش التي يخوضونها ضد الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية، هذا بالإضافة إلى قيامهم بخدمة مخططات دولهم الاستعمارية عن طريق إثارة الفتن الداخلية والتبشير للحضارة الغربية بفكرها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها بين المسلمين.

وقد عبر عن ذلك المبشر شاتيله في كتابه (الغارة على العالم الإسلامي) وقال مخاطباً المبشرين: إذا أردتم أن تغزوا الإسلام وتحصروا شوكته وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كل العقائد السابقة واللاحقة، والتي كانت السبب الرئيسي لاعتزاز المسلمين وشموخهم وسبب سيادتهم وغزوهم للعالم، فعليكم أن توجهوا جهودكم وأهدافكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة الإسلامية بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم وتاريخهم وكتابهم القرآن، وتحويلهم عن ذلك بنشر ثقافتكم وتاريخكم، ونشر روح الإباحية، وتوفير عوامل الهدم المعنوي حتى لو لم نجد إلا المغفلين منهم والسذج والبسطاء، فإنه يكفينا ذلك؛ لأن الشجرة يجب أن يتسبب في قطعها أحد أعضائها.

وقد عبر المبشر زويمر عن رأيه الصريح في أعمال المبشرين البروتستانت، حين اعترف بأن للتبشير في البلاد الإسلامية ميزتين، ميزة هدم وميزة بناء. ويعني بالهدم: انتزاع المسلم من دينه، ولو إلى الإلحاد، ويعني بالبناء: تنصير المسلم إن أمكن.

ويضيف زويمر قائلاً للمبشرين: لا يجب للمبشر المسيحي أن يفشل أو أن ييأس ويقنط عندما يجد أن مساعيه لم تثمر في جلب كثير من المسلمين إلى المسيحية. يكفي أن تجعل الإسلام يخسر مسلمين بذبذبة بعضهم. فعندما يتذبذب مسلم وتجعل الإسلام يخسره تعتبر ناجحاً أيها المبشر المسيحي، يكفي أن تذبذبه ولو لم يصبح هذا المسلم مسيحياً.

وهكذا فإن التبشير أصبح من أهم أدوات الغزو الفكري الذي لجأت إليه الدول الغربية للسيطرة على العالم الإسلامي عن طريق التشكيك في الإسلام والحضارة والتاريخ الإسلامي من جهة، والتبشير للحضارة والفكر الغربي وخدمة المخططات الاستعمارية من جهة أخرى. ولذلك؛ فإنه ليس من المصادفة أن يكون الارتباط بين التبشير والاستعمار ارتباطاً وثيقاً. فالتبشير دعامة من دعامات الاستعمار وأداة من أدوات الفكر العربي، فقد كان الاستعمار ولا يزال يقدم العون المادي والمعنوي للمبشرين ويقوم بحمايتهم وإزالة الصعاب من أمامهم، وفي ذلك يقول سعيد عبد الله حارب: إن ارتباط التنصير بالاستعمار يكاد يكون عضوياً، فقد مهدت السلطات الاستعمارية لنشاط التنصير ووفرت له لحماية والأمن والدعم المعنوي والمادي، ويضيف: إن كثيراً من مبشري القرن التاسع عشر كانوا يتحركون بعقلية صليبية، وكانوا استعماريين يقومون بدور مزدوج في التبشير وخدمة مخططات دولهم الاستعمارية. لقد كان المبشرون هم الرواد الأوائل للاستعمار الثقافي الغربي في عالمنا الإسلامي وبلادنا العربية بشكل عام ومنطقة الخليج بشكل خاص.

ويقول علي عبد الحليم محمود: كان التبشير هو الخطوة الأولى التي مهدت للاستعمار ومكنته من الاستيلاء على بلاد المسلمين وتسخير أرضهم وخيراتها وكثير من أبنائها لخدمة الأغراض السياسية والتبشيرية معاً. ويقول باحث آخر: إن التبشير الديني نفسه ستار للتبشير التجاري والسياسي، وأساس متين للاستعمار، ولنذكر أن أكثر الفتنة الداخلية في الشرق من دينية وسياسية واجتماعية إنما قام بها المبشرون الذين استأجرهم الاستعمار.

نعم... لقد كان الارتباط بين المبشرين والاستعمار وثيقاً جداً، حيث أن المبشرين كانوا يلجؤون إلى قناصل دولهم في الدول الإسلامية لكي يحلوا لهم الكثير من المشاكل التي كانت تواجههم. فكانت بريطانيا أو أمريكا تقوم بحماية الإرساليات البروتستانية، وكانت كلٌ من فرنسا وإيطاليا وأسبانيا تقوم بحماية الإرساليات الكاثوليكية.

وقد حدث مرة أن الخديوي إسماعيل أراد أن يغلق مدارس المبشرين البروتستانت في مصر؛ لأنهم يتدخلون في السياسة، ويثيرون الاضطرابات في البلاد، ويزيدون من مشاكل الحكومة، فتدخل في الأمر بعض قناصل الدول الغربية وأيدت المبشرين وحملت الحكومة المصرية على العدول عن ذلك. أما عن أهمية الدور الذي يقوم به المبشرون لخدمة مخططات دولهم الاستعمارية فيقول في ذلك سنكال - رئيس غرفة التجارة في هامبورغ - في المؤتمر الاستعماري الألماني: إن نمو ثروة الاستعمار متوقف على أهمية الرجال الذين يذهبون إلى المستعمرات، وأهم وسيلة للحصول على هذه الأمنية هو إدخال الدين المسيحي في البلاد المستعمرة؛ لأن هذا هو الشرط الجوهري للحصول على الأمنية المنشودة حتى من الواجهة الاقتصادية.

 

وسائل المبشرين:

بالنسبة لأهم وسائل المبشرين ومؤسساتهم لإنجاح عالمهم التبشيري ما يلي:

  1. الإكثار من فتح المدارس والمعاهد والجامعات في البلاد الإسلامية التي يجعلون هدفها الأول خدمة الدين المسيحي ودولهم الاستعمارية، فقد اتخذ التبشير من التعليم أهم أداة وأعظمها أثراً في تشكيل أجيال المسلمين الجديدة التي يريدها أن تكون مستسلمة لنفوذه ومتقبلة لمفاهيمه وقيمة. فقد اجمع كثير من المبشرين على أن التعليم التبشيري هو أفضل طريق للوصول إلى عقول المسلمين وتحقيق الأهداف التبشرية، حيث يرون أن أهداف المدارس والكليات التي تشرف عليها الارساليات في جميع البلاد الإسلامية كانت دائما متشابهة من حيث أنها كانت تعتبر من الدرجة الأولى وسيلة لتحقيق أهداف التبشير حتى أن الموضوعات العلمية البحتة والتي تعلم من كتب غربية وعلى أيدي مدرسين غربيين تحمل معها الآراء التبشيرية.

فسيطرة الاستعمار على التعليم في البلاد الإسلامية أبان خضوعها للاستعمار أتاحت للمبشرين فرصة ذهبية لتحقيق أهدافهم، وفي ذلك تقول المبشرة أنا مليجان: ليس ثمة طريق في تدمير الإسلام أقصر من المدرسة فإن المدرسة أقوى قوة لجعل الناشئين تحت تأثير الغرب والمسيحية وهذا التأثير يستمر حتى يشمل أولئك الذين سيصبحون يوما ما قادة لأوطانهم.

ويقول نيروز رئيس الجامعة الأمريكية ببيروت 1948-1951:  لقد برهن التعليم عن أنه أثمن الوسائل التي استطاع المبشرون أن يلجأوا إليها في سعيهم لتنصير سوريا ولبنان. وعلق المبشر سيمون في مؤتمر لكندا التبشيري في الهند 1911 بسخرية على فكرته الجامعة الإسلامية التي كانت تهيمن على الشعوب الإسلامية في ذلك الوقت بقوله: وعبثا يبنى هؤلاء آمالهم على الجامعة الإسلامية لأن التربية غير الإسلامية قد ثبتت في دمائهم بفضل مدارس التبشير.

وماذا يمكن أن نتوقع من مدارس وجامعات تعتبر تدريس اللغة العربية والدين الإسلامي والحضارة والتاريخ الإسلامي أمرا ثانويا، وأن درستها فإنها تدرسها بصورة مشوهة كلها تشكيك واستخفاف ونقد هدام. أما اللغات الغربية والثقافة والفكر الغربي والدين المسيحي فهي محل الاهتمام والتعظيم فيخرج الطالب من المدارس والجامعات وهو يعرف من ثقافة وفكر الغرب والدين المسيحي أكثر مما يعرف عن الإسلام والحضارة الإسلامية. وبالطبع لا بد أن يكون المتخرجون من هذه المدارس والجامعات هم أكثر الناس فتنة وتبعية للغرب والفكر الغربي وأقلهم غيره وحرصا على دينهم وحضارتهم الإسلامية. ويكفي أن نعرض لرأي كل من جبران خليل جبران المسيحي وعبد القادر الحسيني المسلم في مدارس وجامعات الإرساليات التبشيرية.

فقد عبر جبران عن أثر هذه المدارس في نفسه وفي جيله وأثرها في تكريس التبعية الفكرية للغرب وفي تفكيك الروابط بين الطوائف المختلفة بقوله : في سوريا كان التعليم يأتينا من الغرب بشكل الصدقة، وقد كنا ولم نزل نلتهم خبز الصدقة لأننا جياع متضورون. ولقد أحيانا ذلك الخبر ولما أحيانا أماتنا، أحيانا لأنه أيقظ بعض مداركنا ونبه عقولنا قليلا. وأماتنا بأن فرق كلمتنا وأضعف وحدتنا وقطع روابطنا وأبعد ما بين طوائفنا حتى أصبحت بلادنا مجموعة مستعمرات صغيرة مختلفة الأذواق متضاربة المشارب كل مستعمرة منها تشد في حبل احدى الأمم الغربية وترفع لواءها وتترنم بمحاسنها وأمجادها. فالشاب الذي يتناول لقمة العلم من مدرسة أمريكية قد تحول بالطبع إلى معتمد أمريكي، والشاب الذي تجرع رشفة من مدرسة يسوعية صار سفيرا فرنسيا إلى آخر ما هنالك من المدارس وما تخرجه كل عام من المحدثين والمعتمدين والسفراء.

وإذا كانت هذه الأقوال  تصدر من مسيحي عربي مخلص لوطنه أحس بخطر هذه المدارس ليس على عقيدته لأنه مسيحي مثلهم، ولكن أحس بخطرها على وطنه ولغته العربية وكيف أن هذه المدارس عملت على زيادة النعرات الطائفية وساهمت إلى حد كبير في تكريس التبعية الفكرية للدول الغربية، فإن رأي أي إنسان مسلم في هذه المدارس والجامعات سيضاف إليه أمر آخر وهو الهجوم والتشكيك لكل ما يتعلق بالدين الإسلامي والحضارة والتاريخ الإسلامي دون أن يستطيع أي إنسان أن يقول أن في كلامه أي مبالغة.

فقد وصف عبد القادر الحسيني الجامعة الأمريكية ببيروت يوم تخرجه منها بقوله: أن هذه الجامعة تظهر أمام الناس في مظهر المدرسة العلمية ولكنها في الحقيقة بؤرة فساد للعقائد الدينية، وهي تطعن في الإسلام ولذلك لا يصح للمسلمين أن يبقوا أولادهم فيها. وقد عرض يومها عبد القادر الحسيني لعدد من الكتب التي تدرس في الجامعة والتي تشوه وتهاهجم الدين والتاريخ الإسلامي. 

  1. أما الوسيلة الثانية والتي يعتمد عليها المبشرون في تحقيق أهدافهم فهي اعتمادهم على تقديم الخدمات الطبية عن طريق إنشاء المستشفيات والمصحات في البلاد الإسلامية مستغلين في ذلك انتشار الأمراض وقلة المستشفيات في أماكن كثيرة من البلاد الإٍسلامية وحاجة المرضى للعلاج وما يعانيه هؤلاء من  الام شديدة قبل حصولهم على العلاج المناسب.

ولذلك فإن المبشرين يقولون: حيث تجد بشرا تجد آلاماً، وحيث تكون الآلام تكون الحاجة إلى الطبيب، فهناك فرصة مناسبة للتبشير. فتقديم الخدمات الطبية للمرضى هو وسيلة إلى غاية وهي تحقيق أهداف التبشير فالمبشرون يوصون الذين يعملون في هذا المجال إلا ينسوا ولو للحظة واحدة بأنهم مبشرون قبل أن يكونوا أطباء فالهدف التبشيري أولا ثم تقديم الخدمات الطبية ثانيا. وفي ذلك يقول المبشر موريسون : ونحن مقتنعون بلا ريب أن الناحية الأساسية من أعمال التنصير بين المرضى الخارجين في المستشفيات هو أن ندخلهم أعضاء في الكنيسة المسيحية الحية.

ومن وسائلهم لتلقين أهدافهم هو أنهم يستغلون حالة المرضى الصعبة وسذاجتهم وحاجاتهم للعلاج ويأخذون بالقاء دروسهم على المسلمين مستغلين تكريم القرآن لسيدنا عيسى وأمه مريم عليهما السلام في ادخال المفاهيم المسيحية لعقول المسلمين. ففي بلدة الناصرة في السودان كان المبشرون لا يعالجون المريض أبدا إلا بعد أن يحملوه على الاعتراف بأن الذي يشفيه هو المسيح. وفي الحبشة كانت المعالجة لا تبدأ إلا قبل أن يركع المرضى ويسألوا المسيح أن يشفيهم.

  1. قيامهم بإنشاء الجمعيات والمنظمات التي تقوم بتقديم المساعدات الاجتماعية لمنكوبي الحروب والكوارث الطبيعية وغيرها بالإضافة إلى قيامها بإنشاء الملاجئ ودور الحضانة ودور الأيتام وغيرها من المؤسسات وكل هذه المؤسسات والمنظمات ذات أهداف تبشيرية وأن حاولت أن تخفي هذه الأهداف تحت ستار عمل الخير وتقديم المساعدات، مستغلين بذلك حالات الفقر والحاجة التي تمر بها كثير من المناطق في العالم الإسلامي. فقد عملت هذه الجمعيات والمنظمات في أندونيسيا أثناء قيام الحكومة بتهجير جزء كبير من سكان جزيرة جاوة إلى الجزر الأخرى فاستغلت هذه الجمعيات هذه الفرصة وقامت بتنصير كثير من المسلمين.

وأيضا فإن نشاط هذه الجمعيات أصبح معروفا للجميع في مناطق المهجرين في أفغانستان وما يقومون به من تنصير للأطفال، وآخر ما كشف عن نشاط هذه المنظمات والجمعيات هو ما حدث في السودان عندما أعلنت الحكومة السودانية الشهر الماضي عن طردها لثلاث هيئات دولية تعمل في السودان تحت ستار المساعدة والإغاثة وأعلنت الحكومة أنها بصدد طرد عدد آخر من هذه الهيئات التي تتخذ من مساعدة منكوبي الحرب والجفاف ستارا للتخريب السياسي والاقتصادي والديني.

وقد علق هانزكنج وهو رجل دين مسيحي عن أعمال هذه المنظمات والجمعيات بقوله :

أن التبشير المسيحي في العالم الثالث ليس أخلاقيا فإنه يعتمد على القوة واستغلال الظروف الاجتماعية السيئة التي تعيشها هذه الدول. وأضاف أن التبشير بالأديان يجب أن يجري في مناخ متحرر من الضغوط.

  1. القيام بترجمة الإنجيل إلى كافة اللغات وتوزيعه على المسلمين بثمن رمزي وأحيانا بالمجان فقد جاء في كتاب ( جذور الماسونية ) لأحد الكتاب الأتراك قوله أن عدد ما طبع ووزع من نسخ العهدين القديم والجديد بواسطة إرساليات التبشير خلال مائة وخمسين عاما يزيد عن ألف مليون نسخة مترجمة إلى 130 لغة عدا التبشير والمجلات كما قرر أن تكاليف هذه المطبوعات لا تقل عن تسعين ألف مليون ليرة تركية اى ما يقارب من 7000 مليون دولار.
  2. الاعتماد على الإذاعات التبشيرية الإقليمية والتي تقوم بنشر الآراء التبشيرية بالإضافة إلى قيامها بالهجوم على الدين الإسلامي. فقد كشفت الدراسات التي ناقشها مؤتمر عدم الانحياز والذي انعقد في كوالالمبور أن حوالي 2500 محطة إذاعية من 64 لغة تشن هجوما صريحا وضاربا على الدين الإسلامي، هذا بالإضافة إلى اعتمادهم على الصحف والسينما والمسرح في إذاعة الآراء والتي تحقق أغراضهم وتجنيدهم للنساء للقيام بالعمل التبشيري وذلك لسهولة دخولهن البيوت ومقدرتهن على إقامة صداقات مع النساء المسلمات وأيضا الاعتماد على عمل صداقات شخصية مع المسلمين والاحتكاك بهم وإثارة قضايا تتعلق بالدين الإسلامي والمسيحي وعقد المؤتمرات التي يشترك فيها مسلمون ومسيحيون بدعوى الحوار بين الأديان وغيرها من الوسائل.