22
13

على طريقة بوش وابن لادن .. معنا أم مع القذافي

تاريخ النشر : 15 أكتوبر 2015 - 10.56:19 ص

على طريقة بوش وابن لادن .. معنا أم مع القذافي ([1])


من اصعب الامور على أي انسان عاقل ان يجد نفسه في بعض الاوقات، مجبرا على النزول الى تفاهات يفرضها الاخرون عليه تحاول اختبار ذكائه وفطنته، فتغرقه بكم هائل من الاكاذيب وتمارس عليه عمليه قذره معروفه لدى خبراء الحروب النفسية والاشاعات والتضليل يطلق عليها غسل الدماغ، والتى تقوم آلية عملها على استخدام اساليب اعلامية ممنهجه للوصول الى الهدف المقصود، من خلال التكرار، والادعاء بالموضوعيه واستخدام ما يسموا بالخبراء، والاصرار على الكذب عملا بمبدأ .. اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون.

لقد وجدت نفسي في مرات بل في مئات المرات مجبرا على الدخول في هذا الاختبار وانا اتابع الاحداث التى تدور في منطقتنا العربية من خلال الفضائيات. وكمواطن عربي يهمنى واتفاعل مع كل ما يدور في عالمنا العربي الحبيب، من الطبيعي ان ادخل في نقاشات واعبر عن رأيي فيما يدور بلساني وقلمي، لاننى لم اتعود ان اكون امعه وتابعا لاحد، يملى على ما يريد ويلغي عقلي الذى هو اعظم منحه الهيه، وينتظر منى تلقي ما يريد، والسمع والطاعه

اقول ذلك لاننى على يقين بان الكثيرين تعرضوا لنفس الموقف، وحاولوا استخدام عقولهم والادلااء برأيهم، وان كانوا جميعيا يؤمنون بالتغيير ويطالبون به، ولكن ذلك لا يمنع من مناقشه ما يدور بموضوعية وبحريه وحتى لو خالف الصوره الطاغيه على الساحه. فهناك مساحات اخرى وصوره اخرى غير واضحه من حق الجميع ان يتسائل عنها ويثير الشكوك حولها .. والاختلاف بالرأى لا يفسد للود قضية.
ولكن للاسف ان من يطالبون بالتغيير الان بدعوى نشر الحرية والديمقراطية اثبتوا انهم ابعد الناس عنها، لانهم رفوعوا منذ البداية الشعار البوشنى البللادنى "معنا او ضدنا.. مع الخير او الشر مع الثوره او مع النظام .. مع التغيير او ضده.، فقسموا العالم الى فسطاطين ... مع الاشرار او الطغاه .. او مع الاخيار والثوار الابرار. واصبح الكلام والرأى الآخر ممنوعاً قبل ان يبدأ، ونشطت محاكم التفتيش من جديد، مستخدمه كل ما في جعبتها من اسلحه واتهامات بالرجعية ورفض التغيير .. بل وصل الامر ببعضهم للبراءه من هذا او ذلك، وانقلب الجميع على الجميع، وشهدنا اكبر عملية نفاق مارستها النخب حتى لا تسبح ضد التيار الجارف الذى يقوده رعاع القوم، ولاحظنا تبدلاً مخزي في المواقف والآراء بدون تبرير عقلي او منطقي، واصبحت النخب التى يفترض ان تتقدم الصفوف تهرول للحاق بالقطيع التائه الذي لا يعرف ما يريد ولا كيف يحقق ما يريد.. انها الفوضى الخلاقه او المخلوقه والمصنعه في استوديوهات هوليود العربية ويرعاها راعي البقر الامريكي الذى مارس القهر والافساد على القطيع العربي لفتره طويله من الزمن، ولكنه اخيرا قرر ان يطلق سراح هذا القطيع ليس كرما منه وحبا للحرية وحقوق الانسان، بل من اجل الاستفراد بالمراعي الخصبه التى يحتلها هذا القطيع المتخلف .. فكانت خطته .. بقر يكسر بقر .. والراعي يجنى الثمر.

ان فوضى الثورات العربية وبالذات ما يحدث في ليبيا تكشف بكل وضوح حقيقة القطيع العربي الضائع ونخبه الفاشله التى لا تجيد الا رفع الشعارات والتقلب في المواقف. فالاختلاف مع الانظمة الفاسدة ومعارضتها والمطالبه بتغييرها امر مشروع وحق طبيعي لكافة الشعوب، اما ان يستغل هذا الحق من قبل فئة وتخرج علينا وتدعى انها تمثل كافة افراد الشعب فهذا كذب ووقاحه غير مقبوله، وايضا ان يفرض علينا تصديق ان الجماعات الهمجية في ليبيا التى تمارس القتل والتدمير والسرقه هي جماعات لها مطالب عادله ويمكن ان تشكل نقله نوعية في ظروف ليبيا اذا تسلمت السلطه، فهذا ايضا تضليل ما بعده تضليل، فكيف يمكن ان يمارس الديمقراطية ويحترم حقوق الانسان من احتكم للسلاح ومارس التدمير والسرقه، وكيف يمكن ان يؤتمن على مستقبل امه من ارتضى ان يكون عميلا للاجنبي ويسعى جاهدا لادخاله في المعركة الدائرة.

في احد اللقاءات التى اغرقت كلا من الجزيره والعربية المشاهدين العرب بها، لتجييشهم ضد النظام الليبي، شاهدت المضحك المبكي، صياد ليبي ينظم الى الثوار لابسا زى مشاة البحرية الامريكية، يتحدث عن الثوره واستعداه للشهاده في سبيلها، ثم تأتى من ادعوا انها زوجته واولاده ليتحدثوا عن مساندتهم للثوره، وفي نهاية التقرير نشاهد الصياد الليبى ممسكا جيتارا ويغنى باللغة الانجليزية لحرية ليبيا .. تقرير شاهده الملايين وتناقشت مع اصدقائي بشأنه وهل لفت نظرهم شئ بالتقرير فقالوا لا، فقلت لهم كيف يمكن ان يكون هذا صياد ليبي ويغنى باللغة الانجليزية بطلاقه وكانه عاش في امريكا مئة سنه، والمضحك المبكي ان صياد ليبيا يجيد اللغة الانجليزية بطلاقه في حين ان مصطفى عبد الجليل رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقتالى لا يجيدها.. والبقيه عندكم.

هذه هو نوع من التقارير المزيفه التى تقدمها الجزيره والعربية للمشاهد العربي لاختبار ذكائه، وتزوير وعيه، ولو ان الفضائيات تعرض وجهة نظر الطرف الاخر فيما يدور لما اختلفنا معهم، اما ان تنحاز القناتان منذ البداية الى طرف ضد آخر وتقرر منذ البداية شطب بلد مستقل ومعترف به، وترفع علم نظام ملكي عفا عليه الزمن، فهذه وقاحه وتآمر واضح، فكيف قبلت هذه القنوات مصادرة ارادة الشعب الليبي منذ البداية، وفرض نظام حكم عليه قبل ان يستفتى ديمقراطيا؟ .. بل كيف قبلت على نفسها وصف الجماعات المسلحة التى تقاتل النظام الليبي بالثوار، وانهم بحاجه الى حمايه وتدخل دولي. ولماذا لم تطلب القناتان ودول مجلس التعاون تم الجامعه العربية بحماية الثوار الحوثيين في اليمن عملا بنفس المنطق.

انهم يريدوننا ان نصدق ان الثورات الشعبية مسموح بها في دول دون دول .. ففي ليبيا والجزائر واليمن الثوره مشروعه وتستحق كل الدعم من اباطرة النفظ والمجتمع الدولي وحتى لو وصل الامر الى التدخل الاجنبي. اما في دول الخليج فهي خروج على ولى الامر وزندقه وفتنه، بغض النظر عن الضحايا اللذين سقطوا ويسقطون، وهنا نجد فضائياتنا الغير عربيه تسكت عن الكلام المباح وتترك المحتجيين سلميا وحيدين في الساحه يواجهون اقدارهم. فالبحرين وعمان والسعودية والكويت وغيرها، ثوراتها ممنوعه ويتقاطر من اجل اخمادها قادة الدول النفطية بالتعتيم وبعض الاصلاحات والضخ المالى. اما ثورات ليبيا واليمن ترفع ملفاتها الى مجلس الامن من اجل التدخل لصالح طرف ضد طرف وكفا الله المنافقين شر القتال.

يريدوننا ان نصدق ان ما يسمون بالثوار يسيطرون على 90% من ليبيا في حين انهم لم يستطيعوا عقد اجتماع مجلسهم الانتقالى في مكان معروف، بل انهم لم يستطيعوا ان يكشفوا عن اسماء هذا المجلس .. ويريدوننا ان نصدق ان من تآمر على العراق وسمح ولازال للقوات الاجنبية بتدمير العراق واهله حريص على مصلحة الشعب الليبي الشقيق وان جامعتهم التى مهدت للتدخل الاجنبي في العراق، وسكتت عن فضائح وجرائم القوات الامريكية في واعدام رئيس عربي، وتسكت عن جرائم اسرائيل ، وعن الحرب الاهلية في الصومال .. وتقسيم السودان هى جامعه عربيه.

ان عملية التزوير المنظم التى تمارس في تغطية الاحداث الجارية في منطقتنا العربية، بالاضافه الى انها لا تقول الحقيقه وتزور، الا انها في نفس الوقت تعمل بوضوح لتحقيق اجندات غير عربية، والاهم من ذلك انها تعمل على افساد حركة التغيير التى ينادى بها المواطن العربي في كل مكان من خلال خلق فتن وحروب اهليه، والعمل على تدويل القضايا العربية الداخلية. ان تغطية الجزيره والعربية للاحداث وجهت ضربه قاسمه لحركات التغيير العربية من خلال سعيها لتحقيق التغيير بالتزوير .. والتثوير بالتدمير.

نحن مع الثوره في مطالبها العادلة ولكننا ضد الفوضى والانفلات وتدمير مقدرات الشعوب .. نحن مع الجماهير من اجل تحقيق اهدافها العادله بالطرق السلمية، ولكننا ضد بلطجه العصابات التى ترفع السلاح وتحول الثورات الى حروب اهليه.. نحن مع احداث التغيير بفعل ذاتي من قبل الثوار بصمودهم وباسلوبهم الحضاري، وضد اى تدخل اجني تحت ايه ذريعه.. نحن مع دور عربي في الخروج من الازمه وتحقيق التغيير المطلوب ولكننا ضد القرارات المخزية التى اتخذتها الجامعه ومجلس التعاون الخليجي بالدعوة للتدخل الاجنبي .. نحن مع حرية الرأى والكلمه في طرح ومناقشة كل ما يدور في ليبيا وغيرها بموضوعية وامانه ... وضد عمليات التزوير ومحاكم التفتيش والقوائم السوداء وقمع الرأى الاخر .. نحن مع وحدة اوطاننا ورجاء وحرية شعوبنا ولكننا ضد التجزئة والحروب الاهلية والفوضى.

 

 

 

[1] تاريخ النشر : 2011-03-14