22
13

شيطنة القذافي .. وسقوط النخب العربية

تاريخ النشر : 15 أكتوبر 2015 - 10.56:03 ص

شيطنة القذافي .. وسقوط النخب العربية ([1])

 

بالرغم من ان الاحداث الجارية في المنطقة العربية، ستسقط حكومات وزعامات فاسدة جثمت على انفساس المواطن العربي لعقود طويلة، الا اننى اعتقد ان هذه التغييرات لن تغيير من واقعنا شئ، الا اذا تم وفي نفس الوقت اسقاط ما يسمون انفسهم بالنخب العربية بكافة اشكالها والوانها من المحيط الى الخليج.
فالاحداث الجارية اذا كانت قد كشفت عن هشاشة الانظمة وفسادها، فانها ايضا كشفت عن نفاق وانتهازية وخواء النخب العربية. اقول هذا الكلام ليس ترحما على هذا النظام او ذاك او مخافة من المستقبل الاسود الذى ينتظر هذه الامة الميته، او التى تحتضر في احسن احوالها، بل اقول ذلك لما لاحظت من انعدام التقييم الموضوعي لما يجرى، والانجراف وراء اهواء واشاعات وترديد اقوال وتنفيس احقاد، ، وتفنن في اختراع العبارات والنعوث لمن سقط ولمن ينتظر.

لا اختلف مع احد في فساد الانظمة والزعماء والحاجة الى التغيير، ولكن ان يتحول الجميع لعازفين ومطبلين لما تقوله محطات السي. ان.ان والجزيره والعربية وابطال الفيس بوك وغيرهم، ونرضى بقيادة اوباما وكاميرون وحمد بن جاسم، والجنائية الدولية ومجلس الامن، في الوقت الذى كنا قبل ايام نشتمهم ونكيل السباب لهم ونتهمهم بالمؤامرة على امتنا والازدواجية في المعايير، فهذا ما لا يمكن لاى عاقل ان يفهمه او يستوعبه.

يتم الان وبصوره ممنهجة شيطنة القذافي واتهامه بابشع الصفات والنعاث، ليس فقط ممن كانوا على خلاف قديم معه، بل من نخب كانت تضع نفسها على طول الخط في صف اليساريين او انصار الوحدة والقومية وحركات التحرر. وجدنا هؤلاء جميعا يتفننون في ذم القذافي ووصفه باشنع الصفات والالقاب، وكأنه الشيطان الوحيد في المنطقة، الذى يحاول اغواء ملائكة الرحمن من المحيط الى الخليج.
ان هذا الشيطان القذافي كان له الشرف ومنذ توليه الحكم المناداة بالوحدة العربية وحتى هذه اللحظة، وكان له الشرف انه رفض اجماع العرب على ضرب العراق، وكان له الشرف في تعرضه وتعرض بلده ليبيا لعدوان امريكي فاضح بسبب مواقفه من امريكا والغرب، وحوصر هو وشعبه لسنين والعرب يتفرجون عليه ولم يفعلوا شيئا لانقاذ الشعب الليبي الذى يتباكي عليه الجميع الآن.

لقد كان للقذاقي الشرف ايضا في القضاء على النهب المنظم للبترول الليبي من قبل الغرب واممه لينتفع به الشعب الليبي وغيره من الشعوب العربية والافريقية وحركات التحرر في العالم، وليس كبقية الدول العربية التى تحرس النفط (بل تجلس عليه كما قال كيسنجر) ولا تمتلكه، وحتى الفتات الذى تحصل عليه تضعه في البنوك الغربية ليتم سرقته بصوره منتظمة من خلال انهيارات مفتعلة ومنظمة في البورصات العالمية.
ان القذافي وان كان ديكتاتورا وسفاحا .. الخ فانه لم يكن عميلا للغرب وامريكا، بل ان الذين يتصدرون الآن قيادة الحملة على القذافي هم الذين اقاموا علاقات مع اسرائيل وسمحوا لامريكا بتدمير العراق وشعبه، وهم الذين اجهضوا كل المحاولات الوحدوية للامة، وهم اللذين بددوا ثروات الامة، وافسدوا دينها ودنياها.
ان شيطنة القذافي بهذه الطريقه ليست صدفة او عملية اعتباطية، بل مقدمة لتحويل ليبيا الى عراق جديد، فكما تمث شيطنة صدام حسين، للاتيان بعملاء امريكا وتدمير العراق ارضا وشعبا، يتم الان شيطنة القذافي لتحقيق نفس الهدف.

المحزن حقا هو ان ينجر الجميع وراء هذا اللطم وشق التوب في حفلة الزار التى نصبها اعداء الامة لمن يسمون بالنخب العربية (الدراويش)، الذين سيسقطون ويتهاوون كما سقطت الانظمة، فالمراقب لما تبثه الفضائيات وما يكتب في وسائل الاعلام يعتقد ان الامة تقف على ابواب الاقصى لتحريره، وان شارون ونتنياهو ارتديا عباءة القذافي العربية، للهروب بجلدهم من الزحف الهادر، الذى لاقى دعم مجلس الامن والجنائية الدولية، التى لن تعاقبهم فقط على سرقه وطن .. بل على جرائم لا تسقط بالتقادم.
انه عار كبير على الامة الا يوجد فيها في هذه اللحظة الفارقه من يوزن الامور ويقيمها بصورة عقلانية، ويقول كلمة حق لانقاذ بلد عربي من الضياع والدمار.. وعار على الشعوب والنخب التى كانت بالامس تهلل وتطبل لهذا الزعيم او ذاك وتتغنى بامجاده، ان تتحول وفي لمح البصر الى وحوش كاسرة وتغير جلدها في لحظات، وكأنهم جميعا ينتظرون الطوفان القادم، فيسعى كلا منهم الى حجز مقعد له في الجنة الامريكية الموعودة، واظهار الطاعة والولاء قبل فوات الآوان.

بالرغم من تمنياتي الصادقه للشعب الليبى الشقيق في الوصول الى ما يريد حقا بتغيير النظام، وحكم نفسه على اسس ديمقراطية حرة، الا اننى ادعوه الى التعقل وعدم الانسياق لهذا الضجيج الاعلامي المغرض، والعمل بهدوء لاحداث التغيير الذى اصبح مؤكدا، بما يكفل له وحدته ووحدة اراضية ويبعده عن خطر التدخل والحرب الاهلية التى يتمناها هؤلاء المطبلون.

عاش الشعب الليبي العظيم .. عاشت ليبيا ابية حرة

 

 

 

[1] التاريخ: 1432-3-26 هـ الموافق: 2011-03-01 03:56:59